تظل النرجسية تؤطر داخل نوع من حب النفس و الأنانية و الغرور بالإضافة إلى التعالي و التكبر ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين.
و ترجع أصل هذه الكلمة إلى أسطورة يونانية و هو “نركسوس” اللذي كان آية في الجمال ، عشق نفسه حتى الموت لما رآى وجهه في الماء.
أما في التحليل النفسي وخاصة عند “بول كلود ركامير” فصنف النرجسية كنوع من الانحراف و الاضطراب اللذي يصيب الشخصية، و أيضا طريقة يفعلها النرجسي للدفاع عن نفسه من كل الألم و التناقضات التي تواجهه في الحياة، ليفرغها فيما بعد في أضعف شخص يصادفه، وبالتالي طرد تلك العقد و التنفيس عنها خارجا.
وفي هذا الصدد فالمحلل النفسي “بول كلود ركامير” لا يصف شخصا مصابا بمرض معين أو تحليلا نفسيا في حد ذاته بل حركة نرجسية ضارة من خلال ما يتداوله التحليل النفسي من مفاهيم قائمة تتمثل في الانحراف المرضي.
ليس هذا فقط، الكثير من المقالات الصحفية وغيرها من الأعمال وصفت المنحرف النرجسي بشخصية معادية للمجتمع، يتصرف كحيوان مفترس يتربص بفريسته للقضاء عليها عن طريق التلاعب النفسي.
فالعلاقة مع النرجسي المنحرف في بداية الطريق تتخذ طابعا شيطانيا، يتعامل مع ضحيته في بادئ الأمر بأساليب جيدة بحيث يجعلها تعيش حياة وردية، يوحي لها بأنها محور حياته، ولا يمكن الاستغناء عنها.
النرجسي هو مجموعة من العقد بتركيبة نفسية غير سوية، اذ يظل جاهدا بأن يملأ الخانات الفارغة في حياته، و حسب أخصائيين نفسيين هذه الشخصية ليس لها هوية و يحاول أن يملأ نفسه بمضمون فريسته، يعتبر شريكه شيئا يستغله لتحقيق ما يهدف اليه كيفما كانت دناءته، و بالتالي يلخص شريكه كأداة مفيدة ويتلدد في أخذ دور المسيطر في العلاقة.
المنحرف النرجسي ليس على وعي بتصرفاته، و الانكار بالنسبة له بمثابة آليةدفاعية تجعله لا يرى حقيقة أفعاله، يغريه كل ما هو نفيس، فهو مادي بطبعه و بالرغم من ذلك فهذا لا يجعل لديه مانعا بالتخلي عن شريكه دون تفكير، بمجرد أنه لم يقوم بدوره كفاية.
ستجده في الكثيرمن المناسبات يفرض سيطرته على شريكه، فهو المندفع الجريء و لا يهمه شيئ سوى نفسه، الأمر الذي يجعله يحصل على الأضواء بطريقة غبية و فاشلة على الأقل بالنسبة لنا. لا يشعر بالحب بل بامتلاك شريكه في الكثير من الفرص، إلى أن يجعل فريسته لا تقدر على اتخاذ أي قرار للتخلص من تلاعبه بها، تدور في حلقة مفرغة لتصبح في الأخير منتهية الصلاحية.
فمعظم العلاقات الرومانسية مع المنحرف النرجسي في بداية المشوار تملؤها المثالية نوعا ما، و تتطور تدريجيا لتتحول إلى مستنقع بل إلى جحيم لا يطاق، تعيش الفريسة تحت سلطة جلاذها و معذبها و لا تستطيع بذلك الخروج من سجنها و ما اذ حاولت ذلك يتردد عليها باستمرار ليمزج من خلال حواراته بين الأكاذيب والواقع، و تعود الفريسة أدراجها ليمتص دماءها من جديد.
لا يجد المنحرف النرجسي المريض نفسه على المدى البعيد، إلى أن يعيد الزمن و يصطاد فريسة جديدة بنفس النمط القديم و المعتاد. في جانب آخر يمكن للضحية أن تجد الارتياح النفسي بعدهذه التجربة المأساوية بعدم التسرع و التحفط على المشاعر والأحاسيس إلى أن تتيقن من استحقاق الطرف الآخر، فالبدايات دائما أجمل .