كشف علماء ألمان أن علاج مرضى الاكتئاب قد يزيد من الاتصالات العصبية في الدماغ، ويقصد بالاتصال العصبي في الدماغ، أو الاتصالات العصبية، الروابط التشريحية بين أجزاء الدماغ، والتفاعلات بين الخلايا والأجزاء داخله.
وكان العلماء يعتقدون أن بنية دماغ البالغين ثابتة بشكل عام وغير قادرة على المرور بتغيرات سريعة، الآن أظهر العمل الجديد أن هذا ليس صحيحا.
وأجرى الدراسة، باحثون في جامعة مونتسر بألمانيا بقيادة البروفيسور جوناثان ريبل، أستاذ الطب النفسي، وعرضت نتائجها في المؤتمر السنوي الـ35 للكلية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية والعصبية في فيينا، والذي انعقد في الفترة من 15 إلى 18 أكتوبر الجاري.
ودرس الباحثون أدمغة 109 مرضى يعانون من اضطراب اكتئابي، وقارنوها مع أدمغة 55 شخصا لا يعانون من المرض، حيث صوروا أدمغتهم باستخدام الرنين المغناطيسي لمعرفة أجزاء الدماغ التي تتصل مع بعضها بعضا لتحديد مدى الاتصال العصبي في الدماغ.
وقام الباحثون بعد ذلك بعلاج مرضى الاكتئاب إما باستخدام الصدمات الكهربائية، وإما بالعلاج النفسي وإما بالأدوية، وأحيانا بدمج أكثر من طريقة للعلاج، ثم بعد ذلك قاموا بإعادة تصوير أدمغتهم ودراسة الترابط العصبي فيها بعد العلاج، كما قاموا بإعادة تقييم أعراض الاكتئاب مرة أخرى.
وقال البروفيسور ريبل إنهم وجدوا أن علاج الاكتئاب قد قام بتغيير بنية الدماغ، وهو ما يعارض كل التوقعات السابقة، إذ إن المرضى الذين تلقوا العلاج أظهروا عددا أكبر من الاتصالات العصبية عما كان لديهم قبل البدء به.
علاوة على ذلك، فإن المرضى الذين استجابوا بشكل أكبر للعلاج تطورت لديهم أعداد أكبر من الاتصالات الجديدة في أدمغتهم، مقارنةً مع المرضى الذين كانت استجابتهم للعلاج أقل.
وأضاف أن هذه التغيرات في الدماغ حدثت خلال فترة 6 أسابيع تقريبا فقط، وهو ما أثار دهشة الباحثين حيث كانت الاستجابة سريعة، لكن هؤلاء الباحثين لا يملكون تفسيرا لكيفية حدوث هذه التغيرات، أو آلية ارتباطها بطرق العلاج المختلفة.
وتتوافق نتيجة هذه الدراسة مع الاعتقاد الحالي بأن الدماغ يتمتع بمرونة وقدرة على التكيّف حتى خلال فترات قصيرة.
وأتبثت الدراسة أن الفكرة الأساسية من علاج الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى هي إحداث تغييرات في الدماغ بمرور الوقت، وقد تم اقتراح أن آلية عمل الأدوية المضادة للاكتئاب والعلاج النفسي والعلاج بالصدمات الكهربائية هي إحداث تغييرات في بنية الدماغ، لكن الأبحاث التي تدرس كيفية الاستجابة للعلاج محدودة.
وهذا يثير التساؤل حول إمكانية أن تستهدف العلاجات المختلفة مناطق محددة من الاتصالات العصبية في الدماغ لتغييرها على وجه التحديد أو العكس لتصبح العلاجات مفيدة.