لاحظ العديدُ من الخبراء في مجال الهجرة غير الشرعية أن الأخيرة تشهد ارتفاعا لافتا خلال الأسابيع الأخيرة، بحيث لم تتوقف الأخبار المتعلقة بالموضوع عن التقاطر كل مرة بخصوص إجهاض محاولات متجهة بحرا نحو إسبانيا؛ وهو الوضع الذي دفع شبكات الهجرة والاتجار بالبشر إلى مضاعفة أنشطتها، من خلال استغلال أحوال الطقس المشجعة والاختلاط في بعض شواطئ الضفة الأخرى الذي يصعب عملية التحقق بين المهاجرين والمصطافين.
وتفاعلا مع الموضوع ومدى مصداقية هذا “التصاعد”، قال محمد الخشاني، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث حول الهجرة وأستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، إن “الصيف يعتبرُ من بين الفصول المفضلة بالنسبة للمهاجرين. ولذلك، تعرف محاولات الهجرة غير النظامية تزايدا مكثفا ومرتفعا”، مرجعا ذلك التزايد إلى “طبيعة الجو في فصل الصيف، بحيث يكون البحر هادئا وقليلا إلى منعدم الهيجان؛ وهو ما يمكن من الانتقال من الضفة إلى الضفة بسهولة”.
وذكر الخشاني أن “هذا الوضع يساهم سنويا في ارتفاع أرقام معاملات شبكات التهريب والهجرة غير النظامية، نتيجة للإقبال الكثيف للمغاربة والمهاجرين من جنوب الصحراء خلال الصيف”، مفسرا أن “هذا الوضع يستنفر دائما الجهات الأمنية، فتضطر الدول الواقعة على ضفاف المحيط إلى تعزيز ترسانتها الأمنية، وحتى أجهزة المراقبة خصوصا الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، يتم الاعتماد عليها بشكل كبير في هذه الظرفية، لكون الكم الذي يحاول عبور البحر من المهاجرين ليس عاديا”.
وشدد المتحدث على أن “التقارير الصحافية المتداولة بوفرة حديثا لا تعكس سوى الفورة التي تشهدها محاولات الهجرة غير النظامية في هذه الظرفية من السنة”، لافتا إلى أن “الجهات الأمنية الأوروبية كلما تجهض محاولة للهجرة أو تقبض على مهاجرين فهي ترسل الخبر مباشرة لوسائل الإعلام”، مبرزا أن “محاربة هذا الوضع ينبغي أن تتم بمقاربة سياسية واقتصادية وثقافية، للقطع مع الثقافة التي تعتبر الغرب أرض الفرص الكبرى وشكل الحياة الأرقى؛ علينا أن نحاصر هذا الهوس المغلف بالأوهام”.
من جانبه، قال عبد الكريم بلكندوز، الخبير في مجال الهجرة، إن “تقييم العملية الأمنية في الحدود البحرية خلال الصيف ومدى دورها لتطويق محاولات الهجرة التي تزدهر في هذه الفترة يبقى شيئا صعبا لكونه لا يجيب عنه الخبير في الهجرة بقدر ما تجيب عنه الجهات الرسمية عينها”، موضحا أن “هناك أسبابا موضوعية تحفز على الهجرة بحرا في هذه الفترة، وهي الأوضاع الجوية التي لا تكون مكلفة نفسيا أو بدنيا، بحيث يجد المهاجر أحوال الطقس مساعدة”.