تثير التقارير الأخيرة في الصحافة الدولية حول اكتشاف كميات ضخمة من الفوسفاط في النرويج بلغت نحو 70 مليار طن اهتمام العديد من الخبراء. إذا تم التأكد من هذه التوقعات، فإن هذه الاحتياطيات قد تصبح الأكبر على مستوى العالم، خاصة في ظل الصراعات الاستراتيجية الحالية في سوق الطاقة المتجددة، حيث يعتبر الفوسفاط عنصرًا مهمًا في صناعة البطاريات ذات الليثيوم أيون.
ومن ناحية أخرى، تثير التحليلات الكثيرة التي تشير إلى أن هذا الاكتشاف قد يهدد القيادة المغربية في سوق الفوسفاط، وقد يشكل تهديدًا على الفوسفاط المغربي. ومع ذلك، كيف يقرأ الخبراء هذا التطور الذي لا يزال مجرد توقع؟
قدم الخبير الطاقي أمين بنونة استغرابه لهذا الخبر، حيث يشعر أنه من الصعب قبول أن هذه الاكتشافات الضخمة لم تكن معروفة من قبل في النرويج. يتساءل إذا كان بلد متقدم مثل النرويج لم يكتشف هذه الاحتياطيات من الفوسفاط حتى الآن، ويتساءل عما إذا كان هذا الفوسفاط متوفرًا على سطح الأرض أم تحتها. وفي حال كان تحت الأرض، فإنه قد يكون أحفوريًا وبالتالي لا يمكنه المنافسة مع الفوسفاط المغربي في هذا الجانب.
وأشار بنونة إلى أن قوة الفوسفاط المغربي تكمن في كونه متوفرًا على سطح الأرض، خاصة في مناطق بوكراع، بالإضافة إلى اليوسفية وبنجرير وخريبكة حيث يتواجد بشكل سطحي وباطني. يبرز أن الفوسفاط النرويجي إذا كان متوفرًا على سطح الأرض، فقد يكون ضعيفًا وغير قوي، حيث يحتوي الفوسفاط المغربي على نسبة تتراوح بين 25 إلى 33 في المائة من الفوسفاط في المعادن، ولا يوجد منافس يمكن أن يضاهي هذه الكمية في المعدن على مستوى العالم.
وأكد الخبير الطاقي أن “هناك شيئًا غامضًا في هذه القصة، فإذا قيل إن الفوسفاط يوجد في وسط الصحراء ولم يتم اكتشافه من قبل أحد، فسيكون من السهل تقبل ذلك”. وأشار إلى أن “إذا كانت هذه الاحتياطيات التي تم اكتشافها تحت الأرض، فقد تكون تكاليف استخراجها باهظة جدًا نظرًا للمعدات والتمويلات اللازمة والوقت والجهد، وبالتالي قد تؤثر تكاليف استخراجه على السعر النهائي للبيع. والمغرب يتمتع بثبات سعر الفوسفاط عالميًا، وهذا هو نقطة قوته”. وأكد أن “الامتيازات التي يتمتع بها المغرب ستظل قائمة، وقد يكون هناك منافسة، وسننتظر حتى تتضح الأمور بشكل أكبر”.
من جانبه، أشار الخبير الطاقي مصطفى لبراق إلى ضرورة الحذر من هذه الإعلانات التي لم تتضح تفاصيلها بعد، حيث يتعامل الخبير مع المعطيات المتاحة حاليًا. ويسأل إذا كانت النرويج بدأت في استغلال هذا الفوسفاط لتكون منافسًا قويًا للمغرب؟ وأوضح أن إنتاج هذه الكميات المكتشفة سيستغرق حوالي 10 سنوات، وهذه الفترة كافية للمغرب للعمل على الحفاظ على الصدارة، خاصة أن لديه مصداقية كبيرة في سوق الفوسفاط عالميًا. وأضاف أن “المغرب ليس بحاجة للقلق، حيث يوجد طلب كبير على الفوسفاط ليس فقط في صناعة الأسمدة، ولكن أيضًا في صناعة البطاريات”.
وختم لبراق بالقول إن “هذا الموضوع مازال غامضًا ويحتاج إلى دراسات أكثر تتعلق بجودة وكمية الفوسفاط المكتشف وطريقة استخراجه وتكاليفه، وهذه المعطيات هي أساسية في المنافسة على المعادن الاستراتيجية على المستوى العالمي في الوقت الحالي”. وأكد أن “صدارة المغرب قد تكون مهددة نسبيًا، ولكنه سيظل قويًا في سوق الفوسفاط الدولية”.