أعرب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء 25 أكتوبر، عن أسفه لأنّ بلاده تتعرّض لـ”حملة غير مسبوقة” من “الافتراءات” و”ازدواجية المعايير” بسبب استضافتها مونديال 2022 الذي تنطلق مبارياته في الإمارة في غضون أقلّ من شهر.
وقبل 26 يوما من موعد صافرة انطلاق المونديال الأكثر تكلفة على الإطلاق، تجد قطر نفسها أمام سيل متعاظم من الانتقادات والهجمات، بسبب مواضيع شتى تتراوح من مناخ الإمارة الحار ومجتمعها المحافظ، إلى سجلّها في مجال الحريات وحقوق الإنسان، ولا سيما حقوق المرأة والعمّال المهاجرين.
وفي خطاب ألقاه في افتتاح عقد مجلس الشورى، قال الشيخ تميم “منذ أن نلنا شرف استضافة كأس العالم، تعرّضت قطر إلى حملة غير مسبوقة لم يتعرّض لها أي بلد مضيف”.
وأضاف “لقد تعاملنا مع الأمر بدايةً بحسن نية، بل واعتبرنا أنّ بعض النقد إيجابي ومفيد يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير”.
وفي انتقاده العلني النادر هذا، أعرب الشيخ تميم عن أسفه لأن “الحملة تتواصل وتتّسع وتتضمن افتراءات وازدواجية معايير، حتى بلغت من الضراوة مبلغا جعل العديد يتساءل للأسف عن الأسباب والدوافع الحقيقة من وراء هذه الحملة”.
وبذلت السلطات القطرية جهودا حثيثة لدحض الاتّهامات الموجّهة إليها، مذكّرة خصوصا بأنّها أجرت في السنوات الأخيرة إصلاحات لقوانينها.
ولفت الشيخ تميم في كلمته إلى أنّ قطر شهدت “نهضة تشريعية استكملت بموجبها قوانين أساسية تنظم مختلف أوجه الحياة والمعاملات في الدولة”.
امتحان كبير
وإذ اعتبر أمير قطر أنّ “النقد مفيد فقط إذا كان قائماً على معلومة صحيحة وعلى فهم للسياقات”، شدّد على أنّ “استضافة كأس العالم تجمع بين عناصر عدّة” وتحدّيات من بينها “الانفتاح الحضاري والثقافي”.
وأكّد الشيخ تميم أنّ استضافة بلاده كأس العالم في كرة القدم هي “مناسبة نُظهر فيها من نحن، ليس فقط لناحية قوة اقتصادنا ومؤسّساتنا بل أيضاً على مستوى هويتنا الحضارية”.
وأضاف “هذا امتحان كبير لدولة بحجم قطر التي تثير إعجاب العالم أجمع بما حقّقته وتحقّقه”.
وهذا الأسبوع نفت الدوحة بشدّة صحّة تقرير نشرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية اتّهمت فيه قوات الأمن القطرية باعتقال أفراد من مجتمع الميم وإساءة معاملتهم.
ويجرّم القانون القطري المثلية الجنسية، إلا أنّ المنظّمين شدّدوا على أنّ “الجميع مرحّب بهم” خلال المونديال.
وأنفقت الدولة الثرية بالغاز عشرات مليارات الدولارات لبناء الاستادات وسائر المنشآت والبنى التحتية اللازمة لاستضافة الحدث الكروي الأبرز في العالم، وهي اليوم تخوض سباقا مع الزمن لإنجاز الأعمال المتبقية قبل انطلاق المونديال.
ويتوقّع أن يتدفّق إلى الإمارة الصغيرة البالغة مساحتها 11571 كلم مربّع أكثر من مليون زائر خلال المونديال الذي تجري مبارياته على مدى 29 يوما.
وتركّز القسم الأكبر من الاتهامات الموجّهة إلى قطر على حقوق العمال الأجانب الذين شيّدوا المنشآت والبنى التحتية في الإمارة.
وفي قطر أكثر من 2,5 مليون أجنبي من أصل إجمالي عدد السكان البالغ 2,9 مليون نسمة.
وما انفكّت نقابات دولية للدفاع عن حقوق العمال تندّد بظروف العمل في مواقع البناء في قطر، بدءاً بمعايير السلامة ومروراً بساعات العمل في درجات حرارة الصيف الحارقة، وصولاً إلى تعويض العمال الذين قضوا أو أصيبوا بجروح في العمل.
بطولة للجميع
وإذ شدّد الشيخ تميم على أنّ “قطر حالياً أشبه بورشة عمل في التحضير والتجهيز للمناسبة”، ذكّر بأنّها المرة الأولى التي ستستضيف فيها دولة عربية مناسبة مماثلة.
وقال “لقد قبلنا هذا التحدّي (…) إدراكاً منّا لأهمية استضافة حدث كبير مثل كأس العالم في الوطن العربي”، وأضاف “هي بطولة للجميع، ونجاحها نجاح للجميع”.
وتطالب منظمات حقوقية في مقدّمها “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” كلا من الدوحة والفيفا ببذل مزيد من الجهود لدفع تعويضات لهؤلاء العمّال من خلال إنشاء صندوق تعويضات بقيمة 440 مليون دولار – أي ما يعادل جائزة كأس العالم.
لكنّ الإصلاحات الكثيرة التي قامت بها الدوحة قوبلت بإشادة من قبل النقابات الدولية نفسها التي شنّت في السابق هجمات قوية ضدّ الدوحة.
وفي أعقاب زيارة قام بها هذا الأسبوع، قال لوكا فيسينتيني، الأمين العام لاتّحاد النقابات الأوروبية، لوكالة فرانس برس إنّ “هناك المزيد من العمل الذي يتعيّن على الدوحة القيام به في مجال الإصلاحات، لكن ينبغي النظر إلى قطر على أنّها “قصة نجاح”.
وأضاف “كأس العالم كانت بلا شك فرصة لتسريع التغيير ويمكن لهذه الإصلاحات أن تشكّل مثالا جيّدا لتطبيقه في دول أخرى تستضيف أحداثا رياضية كبرى”.
بدوره دافع رئيس الاتّحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو عن قطر، مؤكّدا أنّ هذه النسخة من المونديال ستكون “الأفضل على الإطلاق، داخل الملعب وخارجه”.