استقبل المجلس الوطني للصحافة، الخميس 21 شتنبر 2023 في الساعة 13.55 زوالا. جوابا عن مجلس الأخلاقيات الصحافي بصفة سريعة و قياسية و في ظرف أقل من 24 ساعة على الشكايتين المقدمتين يوم الأربعاء 20 شتنبر 2023 على الساعة 18:00 مساء، و ذلك جراء ما اقترفتها كل من جريدة “ليبيراسيون” و “شارلي ايبدو” اثر الخروقات الأخلاقية.
وفي هذا الصدد تفاجأ المجلس الوطني من التعليل الذي تقدمت به رئيسة مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا بعدم قبول الشكايتين و طريقة معالجتهما.
و كما جاء في الشكايتين المقدمتين، فإن الجريدتين نشرتا عملا لا يستدعي أخلاقيات الصحافة، بحيث ومن خلال كاريكاتور عملت أسبوعية “شارلي ايبدو” على تحريض الناس على عدم تقديم يد المساعدة بخصوص ضحايا الزلزال، و ذلك بادعاء أنها ستعود لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
أما بشأن يومية ” ليبيراسيون”، فقد اعتمدت وضع صورة على غلاف الجريدة تضم إحدى نساء ضحايا الزلزال، مضيفة جملة بين مزدوجتين نحو» أنقذونا، إننا نموت في صمت «.
إلا أن مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا، اعتبر الشكايتين غير مقبولتين و ذلك بناء على ما نشرته الجريدتين هو مجرد اختيار تحريري و لا يطعن في أخلاقيات الصحافة.
و بهذا قام الجلس الوطني للصحافة، يوم الجمعة 29 من نفس الشهر، بالرد على ما سبق ذكره، و ذلك من خلال توجيه رسالة إلى رئيسة مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا، وقد جاء في محتوى الرسالة أن أي عمل صحفي هو أكيد اختيار تحريري إلا أنه لابد من تضمينه لاحترام أخلاقيات الصحافة. حيث أن الخروج بمبرر كهذا “اختيار تحريري” ما هو إلا تملص من المسؤولية، لأن الاختيار التحريري لا يعني عدم احترام الأخلاقيات، وإلا فإن كل الصحافة ووسائل الإعلام قد تصبح خارجة عن إطار الأخلاق، و أنه لا يمكن لأي اختيار تحريري أن ينسب لنفسه الانتماء إلى هذه المهنة النبيلة، إذا مارس التضليل والكذب على المتلقي، و التحريض على عدم مساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية.
ما نشرته صحيفة ” شارلي ايبدو” واضح حيث أنها حثت على عدم تقديم المساعدات لضحايا فاجعة الزلزال التي عرفته منطقة الحوز بالمغرب.
أما بشأن صحيفة ” ليبيراسيون” فقد أرفقت الصورة بجملة تخلق لدى المتلقي انطباع أنه كلام المرأة.
و بخصوص ما جاء جوابا عن الشكايتين، إن الجملة المنشورة في “ليبيراسيون” كانت متداولة على الواتساب، فكان رد المجلس الوطني للصحافة هو إنه حتى لو افترضنا جدلا أن هذا صحيح، فهل مرجع الصحافة الجدية، هو ما يروج في شبكات التواصل الاجتماعي، لتصدر حكما في قضية إنسانية بهذه الخطورة؟ وهل يعوض اللجوء المزعوم للواتساب التحقيق الصحافي النزيه الذي كان ينبغي أن تقوم به الجريدة، مع ضحايا الزلزال وتقدم خلاصاته للجمهور، كما هو متعارف عليه في تقاليد الصحافة.
إن جريدة “ليبيراسيون”، قامت بتحريف كلام المرأة ونقلته بشكل مخالف للحقيقة، وهو ما يقتضي من مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا قبول الشكايتين وفتح تحقيق في الموضوع طبقا للمسطرة المحددة في نظامه الداخلي، لأن التعليل الذي قدموه بأن الأمر يتعلق باختبار تحريري يعتبر تعليلا ناقصا.
إن ما قامت به الجريدتان يعتبر إخلالا باخلاقيات الصحافة و الطلاق من مواثيق الشرف التي يعتمدها مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا كمرجع، وهي ميثاق الفيدرالية الدولية للصحافيين، وميثاق النقابة الوطنية للصحافيين بفرنسا، و إعلان ميونيخ.
وبالعودة إلى مواثيق الأخلاقيات التي تم خرقها من طرف الصحيفتين المذكورتين سيتيين للجميع أن ما قامت به مناف تماما الأخلاقيات مهنة الصحافة ومن بين تلك المواثيق نجد:
1. ميثاق الفدرالية الدولية للصحافيين، الذي ينص على أن:
• يشكل احترام الحقائق وحق الجمهور في معرفتها، الواجب الأساسي للصحفي؛
• لا يستعمل الصحفي من أجل الحصول على معلومات أو صور أو وثائق، إلا وسائل عادلة.
• يبذل الصحفي قصارى جهده ويستعمل كافة الوسائل من أجل تصحيح كل معلومة منشورة ظهر أنها ضارة وغير صحيحة
• يجب على الصحفي أن ينقل الأخبار والحقائق التي يعرف مصدرها الأصلي، ويجب عليه عدم حجب معلومات هامة أو تزوير الوثائق، وعليه أن ينشر بأمانة التصريحات أو المواد الإعلامية الأخرى التي نشرها أشخاص لا يحتلون مناصب عمومية على شبكات التواصل الاجتماعي؛
• يحترم الصحفي خصوصية الأفراد وكرامة الأشخاص المذكورين و/أو الممثلين كما يتم تبليغ الأشخاص التي تمت مقابلتهم بأن تعليقاتهم ووثائقهم سيتم نشرها كما يجب عليه إيلاء اهتمام خاص للمستجوبين الضعفاء؛ يعتبر بمثابة أخطاء مهنية جسيمة، كل صحفي قام بالانتحال أو التشويه بسوء نية، أو الافتراء، أو التشهير، أو الاتهامات غير القائمة على أي أساس….
2. ميثاق الصحافيين الفرنسيين، الذي أقرته النقابة الوطنية للصحافيين في يوليوز 1918 الذي ينص على أن الصحافي الجدير بهذا الاسم يعتبر الافتراء والاتهامات الخالية من الحجة وإفساد الوثائق وتحريف الوقائع والكذب بمثابة أخطاء “مهنية جسيمة ”
3. إعلان ميونيخ لسنة 1971، الذي ينص على أنه من الواجبات الأساسية للصحافي في نقصي الأحداث وتحريرها والتعليق عليها، هي أن لا ينشر سوى المعلومات التي يكون مصدرها معروفا أو يعززها عند الاقتضاء، بالتحفظات التي تفرض نفسها، ولا يحذف الأخبار الأساسية ولا يشوه النصوص.
وبناء على هذه المواثيق، يتضح بشكل جلي أن الجريدتان لم تحترما أي معيار من هذه المعايير، ولاسيما معيار الحقيقة الذي يعتبر واجبا أساسيا، باعتباره هدفا نهائيا برشد كل عمل صحفي
لقد تلقى المجلس الوطني للصحافة، أيضا، باستغراب كبير، مسطرة النظر في الشكايتين، حيث أنه توصلنا فقط. مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا برسالة جوابية، وليس قرارا معللا برفض البت في الشكايتين كما هو منصوص عليه في المادة 3
السالفة الذكر، فإذا كان قرار عدم قبول الشكايتين صادر عن مكتب المجلس أو المجلس الإداري لمجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا، فالرسالة الجوابية لم تشر لتاريخ عقد الاجتماع للبت في الشكايتين.
ومن جهة أخرى، سجل المجلس الوطني للصحافة، أن مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا قام بتقديم نفس التعليل في الشكايتين معاء رغم اختلاف موضوعهما، وهو ما يعد أمرا مخالفا للمساطر المعمول بها في مؤسستهم. كما أن التعليل المقدم يحمل طابعا عاما وفضفاضا ولا ينبني على أساس في مرجعيات أخلاقيات مهنة الصحافة كما أقرتها المواثيق التي يستندون إليها في إطار ممارسة مجلسهم لاختصاصاته
وفي الختام، يخبر المجلس الوطني للصحافة، أنه بعد مرور عشرة (10) أيام على مراسلته لرئيسة مجلس أخلاقيات الصحافة بفرنسا، فإنه لم يتلق أي جواب إلى حدود كتابة هذا البلاغ.