انسجاما مع التوجيهات الملكية الداعية إلى ابتكار نموذج تنموي جديد، تمكن مجلس جهة الشرق، بدعم من مختلف المؤسسات الحكومية، من بلورة تصميم جهوي لإعداد التراب أخذا بعين الاعتبار تحديد ووضع الآليات والمشاريع اللازمة التي من شأنها تقليص التفاوتات بين الشمال والجنوب، وبين الوسط الحضري والقروي للجهة، وذلك في إطار التنمية المستدامة.
وقد شكل الخامس من شهر يوليوز من سنة 2021، بالنسبة لجهة الشرق، محطة أساسية تجسدت من خلال مصادقة مجلس الجهة على أهم وثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموع التراب الجهوي، تلك الوثيقة المبتكرة التي حددت المعالم الكبرى لنموذج يضمن ارتقاء الجهة وجعلها قطبا تنمويا بامتياز في أفق سنة 2045.
معدو الوثيقة يرون أن من شأنها أن تقدم جوابا لمجموعة من التحديات والإكراهات التي يعاني منها تراب جهة الشرق، بكونه منطقة حدودية تعرف ركودا اقتصاديا حادا وغير مهيكل، اعتمد لعقود من الزمن على التهريب المعيشي؛ مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة. هذا بالإضافة إلى شساعة مساحة الجهة التي أفرزت خصاصا كبيرا على مستوى التجهيزات ومرافق القرب، مع وجود فوارق مجالية بين شمال وجنوب تراب الجهة، فضلا عن ظاهرة الجفاف الذي يعتبر معطى بنيويا.
هذه الوثيقة المرجعية جاءت، بحسبهم، لتشكل دعامة لتفعيل النموذج الجديد لتنمية مستدامة، عبر استغلال الإمكانات العديدة والموارد البشرية والطبيعية للجهة، مع الأخذ بعين الاعتبار طابعها الحدودي والتطلعات لجعلها قطبا للنمو والتنمية على الصعيد الأورو- متوسطي، وكذا على المستوى القاري.
وفي هذا الإطار، وحسب تقارير ذي صلة، فقد اعتمدت دراسة التصميم الجهوي لإعداد التراب، على التطورات الاقتصادية الإيجابية التي عرفتها الجهة خلال السنوات الأخيرة، والتي ينبغي تعزيزها واستكمالها استجابة للاحتياجات الحالية والمستقبلية في أفق 2045، هذا إلى جانب توظيف اقتراحات مختلف الفعاليات المحلية من إدارات ومؤسسات عمومية وهيئات منتخبة ومجتمع مدني وقطاع خاص، والمنبثقة عن نقاشات وورشات تشاورية.
القائمون على إعداد الوثيقة اعتمدوا أيضا في دراستهم، سواء على مستوى التشخيص، والاستشراف، والاختيارات الاستراتيجية، على مختلف الدراسات المنجزة والوثائق المتعلقة بالجهة، وكذا التغيرات والتحولات التي عرفتها في العقود الماضية، والهدف تجويد الدراسة الخاصة بإنجاز التصميم الجهوي لإعداد التراب.
هذا التصميم الجهوي، الذي أعده مكتب دراسات تحت إشراف وبتنسيق مع ولاية جهة الشرق ومجلس الجهة، يتضمن ما مجموعه 208 مشاريع و126 إجراء، يتطلب غلافا ماليا إجماليا يفوق 106 مليارات درهم، بالإضافة إلى ارتكازه على رؤية تتمحور حول 7 مجالات، و25 اختيارا استراتيجيا، و60 محورا ذا أولوية.
وتهدف هذه الوثيقة إلى جعل جهة الشرق في أفق سنة 2045، جهة مندمجة تثمن رأسمالها البشري وتجذب انتباه ساكنتها وجاليتها المقيمة بالخارج وزوارها، عبر التوفر على بنية حضرية منظمة توافق بين المدن والقرى.